تهدف هذه الدراسة، اعتمادًا على منهج دراسة الحالة، إلى تشريح طبيعة اللامركزية المغربية، ورصد حدود التقدم والتباطؤ والتراجع في النظام المؤطّر لها، والوقوف عند أسباب ذلك، ودور الفاعلين، وتأثير السياقات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية. وتُحاول تلمّس الأثر الذي تُحدِثه المؤسسات اللامركزية في مسار التنمية المحلية في المغرب، خاصة في ظل التباين الذي يعرفه المغرب على المستوى الترابي؛ ما جعله يضمّن دستوره هدف "الإنصاف المجالي"، لأن عقودًا من الاستقلال لم تُغيّر المعادلة الاستعمارية التي قسّمت البلاد إلى "مغرب نافع" و"مغرب غير نافع". وترصد الدراسة تأرجح اللامركزية المغربية بين الطابع الإداري والسياسي وعلاقات التأثير والتأثر بالمحيط، وتسلّط الضوء على العوامل الحاسمة في مخرجات اللامركزية، مثل الجذور المخزنية والإرث الاستعماري ومبادرة الحكم الذاتي، وكذا ما أسفرت عنه موجة الربيع العربي التي كان من مخرجاتها نسخة من اللامركزية الإدارية أكثر تطوّرًا من سابقاتها. تبحث الدراسة كذلك الاختلالات التدبيرية والبنيوية التي لا تزال اللامركزية المغربية تتخبّط فيها بعد أكثر من عقدين على إقرارها، وأكثر من عقد على تنزيلها.