هل تسهم إعادة هيكلة القوات الأمنية في الحدّ من احتمالات تجدّد الحرب الأهلية؟ لقد ركّزت الدراسات السابقة بصورة أساسية على الأثر الذي يحدثه الدمج العسكري في التخفيف من معضلة إلزام الأطراف المتنازعة بالحفاظ على السلم، غير أنّ الأدلة المتاحة في هذا المجال ما زالت متباينة وغير حاسمة. إلى جانب ذلك، لم تنل أبعاد أخرى من العلاقات المدنية – العسكرية ما تستحقه من عناية بحثية وتدقيق نظري. تنطلق هذه الدراسة من محاولة استجلاء دور العلاقات المدنية – العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب، باعتبارها أداة أساسية لترسيخ السلطة وإعادة تشكيل موازين القوة. ويُظهر التحليل أنّ لقوات الأمن ثلاثة مسارات رئيسة قد تفضي إلى تجدّد الصراع الأهلي: أوّلها إقصاء الفصائل المناوئة، مع تيسير تعبئة جديدة لقوى التمرد؛ وثانيها توظيف السيطرة على الموارد لمنازعة النظام القائم؛ وثالثها تصعيد التمرّد الناشئ عن حملات القمع. وتشير نتائج التحليل المقارن لبيانات أصلية عابرة للبلدان إلى أنّ تقليص فرص الإقصاء والاستغلال، من خلال تنويع التعيينات القيادية وتعزيز آليات الرقابة المدنية الفعّالة، يسهم في خفض احتمالية اندلاع جولات جديدة من الحرب الأهلية. وتُبرز النتائج، أيضًا، الآثار التوزيعية لإعادة هيكلة القوات الأمنية، مؤكّدةً في الوقت ذاته ضرورة فهم ديناميات التنافس السياسي حول مؤسسات الدولة بوصفها مدخلًا رئيسًا لتفسير أسباب تجدّد الحروب الأهلية.